ملخص لكتاب النص القرآني من تهافت القراءة إلى أفق التدبر



النص القرآني من تهافت القراءة إلى أفق التدبر
للدكتور قطب الريسوني

تم تلخيص الكتاب انطلاقا من الفصل الثاني

الفصل ال
ثاني: مزالق المفسرين القدامى والمحدثين رؤية نقدية
المبحث الأول : تسلط العقل على النص :
المطلب 1 : مكانة العقل في الإسلام :
يقول القرطبي: ( ....والصحيح الذي يعول عليه أن التفضيل أينما كان بالعقل الذي هو عمدة التكليف، وبه يعرف الله، ويفهم كلامه).
1)   إهتمام القرآن بخطاب العقول: القرآن الكريم يخاطب في أكثر من أية أولي الألباب وهم أصحاب العقول الراجحة وأهل التمييز بين الحق والباطل، والبصر بحقائق الأشياء وبواطن الأمور، ولم يجعل لغيرهم من أهل الجهل في الخطاب بذلك حظا.
2)   النعي القرآني على تعطيل العقول : إن الإهتداء إلى الحق يحتاج إلى إستقلال الفكر،ومعاناة الإجتهاد وتصون عن آفة التقليد،حيث أن المقلد يعطل إدراكه ويقبر مواهبه.لذلك نعى القرآن الكريم على المقلدين تعطيل عقولهم.
3)   تعليل الأحكام : إيثار هذا النهج التعليلي يجعل المسلم منقادا لأمر ربه خاضعا لحكم شريعته.
4)   الأمر بالتدبر والإعتبار والنظر العقلي: حث القرآن الكريم على إعمال العقل وإشباع النظر في مخلوقات الله تعالى وسننه وآياته، تهديا إلى أسرار الإعجاز، وحكم الخلق وحقائق الإيمان .
5)   حماية العقول : إن حماية العقل من الضروريات الخمس التي تستقيم بها الحياة. ولذلك لم يضن الإسلام علينا بتشريعات تحفظ عليه توازنه الوظيفي وتحوطه بمقومات الصحة والسلامة.
المطلب 2 : وظيفة العقل وحدوده:
قال سيد قطب رحمه الله :(أما محاولة إدراك ما وراء الواقع بالعقل المحدود الطاقة ...فهي محاولة  فاشلة أولا، وعابثة أخيرا، فاشية لأنها تستخدم أداة لم تخلق لرصد هذا المجال، وعابثة لأنها تبدد طاقة العقل التي لم تخلق لهذا المجال . وعلى العقل أن يتلقى العلم من أمور الغيب من العليم الخبير الذي يحيط بالظاهر والباطن ... وهذا الإحترام لمنطق العقل هو الذي يتحلى به المؤمنون).
المطلب 3 : الشواهد التطبيقية على تسلط لعقل على النص:
1)   إنكار التفسيرالصحيح (للرعد) : تطاول بعض المفسرين على التفسير الصحيح للرعد وتفسيره بتفسير مسلط للعقل.
2)   إنكار عالم الجن : أنكر الحسيون وجود الجن وتأولوا النصوص الواردة فيه بما يحرف الكلم عن مواضعه. ذلك أن إيمانهم مقتصر على ما يلمس لمس اليد وعقلهم لايقبل إلا نداء الحقائق العارية عن أثواب الغيبيات.
3)   صرف ( الإمداد الإلهي ) عن ظاهره : ذهب الشيخ محمد رشيد رضا إلى أن الإمداد الإلهي في غزوة بدر روحاني معنوي لامادي حسي، وهذا ما يجعله يضعف الأحاديث الصحيحة  الواردة في شأن معجزة الإمداد الإلهي يوم بدر.
المبحث الثاني : التعصب المذهبي :
المطلب 1 : مفهوم التعصب المذهبي :
هو الإنتصار لمذهب معين في أصول العقيدة، أو فروع الفقه، أو قضايا السياسة مع التجرد عن الإنصاف، والغلو في تقديس الرجال. ولا يظهر التعصب وتنفق سوقه إلا في بيئة ران عليها التحجر الفكري، وعن التفريط في الكتاب والسنة وكثر الإعراض عن الأدلة...
المطلب 2 : مساوئ التعصب المذهبي في التفسير:
1)   إبعاد الناس عن كتابهم الأول.
2)   مخالفة الهدي القرآني في العبادة والمعاملة والسلوك الحضاري.
3)   الإنشغال بأقوال العلماء والأراء المجردة عن التفقه في كتاب الله تعالى.
4)   إمتلاء كتب التفسير بالأحاديث الضعيفة والموضوعة
5)   الإلماء في آيات الله تعالى وتحريف الكلم عن مواضعه .
6)   التقوقع في مذهب واحد.
7)   آفة التقليد والجمود والغلو في الرجال وتقديس آرائهم.
8)   تعميق هوة الخلاف والتدبر بين المسلمين .
المطلب 3 :الشواهد التطبيقية على التعصب المذهبي :
1)   التعصب المذهبي في العقيدة : إختلاف الفصائل المذهبية حول مصير الفاسق في الأخرة.
2)   التعصب المذهبي في الفقه : مثال لتعصب أبي بكر بن العربي لمذهبه حيث ذهب به تعصبه إلى قلب السنة بدعة والبدعة سنة،  حيث أنه عد صيام ثاني يوم العيد بدعة مردودة وأجاز صيام صيام ستة من شوال إلى شهور أخرى غير شوال.
3)   التعصب المذهبي في السياسة : الشيعة هم أكثر المتعصبون لمذهبهم في السياسة، حيث أنهم يعتقدون أن آيات النعيم والبشارة عنيت بها أنفسهم أما العذاب والوعيد فهي تعنى على من خالفهم.
المبحث الثالث : الإستغناء باللغة عن الرواية والسماع :
المطلب 1 : أقوال العلماء في ذم الإستغناء باللغة :
كان السلف الصالح يأخدون بالقراءة متى ثبتت وصح إسنادها ولا يحتفلون بموافقتها للقواعد النحوية والأقيسة اللغوية لأن القراءة الثابتة سنة متبعة، والنقل الصحيح حاكم على القاعدة لا العكس.
كما أن التفسير بالمؤثور مقدم على أقوال أهل اللغة.
المطلب 2 : رد دعوة معاصرة إلى الإستغناء باللغة :
قال الشيخ أمين الخولي أن القرآن الكريم هو كتاب اللغة العربية الاكبر وأثرها الأدبي الأعظم، فهو الكتاب الذي أخد العربية وحمى كيانها وخلد معها. فالقرآن كتاب الفن العربي الأقدس. وفي هذه الدعوة نظر من وجوه :
1)   إن عد القرآن الأثر الأدبي الأعظم للعربة سواء أنظر الناظر إليه على أنه كذلك في الدين أولا، رأي ينادي على صاحبه بضيق الحظيرة وانسداد الأفق لأنه يحيل مصادر القرآن على الهداية و الإصلاح ،ودرجة متأخرة من الإهتمام.فالقرآن كتاب هداية في البدئ والمنتهي، واللغة فيه وعاء تبليغ وأداة تواصل.
2)   إن دعوة الخولي إلى الإستغناء باللغة في التفسير، قفزا على ميراث النبوة وإعراضا على المروي المأثور وتنكرا لجهود السلف الصالح في الفهم والتدبر وهذا دأب من يستقل بنظره في فهم القرآن ويستكتف عن الرجوع إلى النقل.
المبحث الرابع : الأخد بالأحاديث الضعيفة والموضوعة :
أخدت بعض الفرق كالمعتزلة والجهمية والقدرية والرافضة  والشيعة بالأحاديث الضعيفة والموضوعة، حيث أنهم لا يتحرون الصحة في النقل ولا يحتفلون بالإسناد. كما أن شيخ الإسلام إبن تيمية حذر من أحاديث الثلاثة ومن تبعهم لكثرة ما يروونه من أحاديث ضعيفة وموضوعة وهم الثعلبي والنقاش والواحدي.
المطلب 1 : حكم العمل بالضعيف في الإسلام :
Ø   اتفاق أهل العلم على تسمية الضعيف بالمردود.
Ø   الضعيف لا يفيد إلا الظن المرجوح وهو ساقط الإعتبار في ميزان الشرع.
Ø   في الأحاديث الصحاح والحسان مندوحة عن العمل بالضعيف.
Ø   الإحتجاج بالضعيف يفوت العمل بالسنة النبوية.
Ø   العمل بالضعيف ينشأ عنه الترويج للبدع والغلو في الدين.
المطلب 2 : حكم العمل بالضعيف في الترجيح بين المعاني التفسيرية :
يستقيم الترجيح بالحديث الضعيف في صور :
1)   أن تحتف بالحديث الضعيف قرائن أخرى ناهضة في ترجيح أحد الأقوال التفسيرية المسبوقة في الآية .
2)   إذا عري الحديث الضعيف عن أي وجه يعضده أو يؤنس له من وجود الترجيح، فالترجيح به في مورد التعارض السائغ.
3)   إذا أعوز المرجح بين المعاني المتزاحمة إلا الحديث الضعيف، فالترجيح به سائغ مقبول.
المطلب 3 : حكم رواية الحديث الموضوع :
قال علي عن الرسول صلى الله عليه وسلم : (من حدث عني حديثا يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين ).
المبحث الخامس : الأخذ بالإسرائيليات :
المطلب 1 : في بيان حقيقة الإسرائيليات وأقسامها :
الإسرائيليات كلمة يهودية الأصل شاع إستعمالها عند النقل من أهل الكتاب والإستمداد منهم في تفسير كتاب الله .
وأكثر ما يروى من الإسرائيليات إنما يروى عن أربعة أشخاص وهم : عبد الله بن سلام، كعب الأحرار، وهب بن منبه، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج.
و الإسرائيليات ثلاث أقسام :
1)   ماعلمت صحته بالنقل من الكتاب والسنة أو كان له شاهد ناهض من الشرع فهو صحيح مقبول.
2)   ما علم كذبه أو مخالفته لشرعنا فهو مردود غير مقبول.
3)   مسكوت عنه لا من الأول ولا من الثاني.
المطلب 2 : أقوال العلماء في ذم الأخذ بالإسرائيليات :
قال ترجمان القرآن ابن عباس : ( كيف تسألون أهل الكتاب عن شيئ وكتابكم الذي أنزل على رسول الله أحدث...)
كما أن أكثر المفسرين نفرة من الإسرائيليات وتحذيرا منها هو أبوبكر بن العربي حيث قال : (الإسرائيليات مرفوضة عند العلماء على البتات، فأعرض عن سطورها بصرك...).
المطلب 3 : الشواهد التطبيقية على الأخذ بالإسرائيليات :
·      قصة عوج بن عنق الذي عاش 3 لآلاف سنة حتى أهلكه الله على يد موسى عليه السلام.
·      قصة سليمان عليه السلام وخاتم ملكه.
·      الإسرائيليات في تفسير المنار.
المبحث السادس : الأخد بالأقوال التفسيرية الشاذة :
يجب أن يفسر القرآن الكريم بالأفصح والأرجح لا بالوجوه الشاذة والمعامل النادرة.
المطلب 1 : في بيان مفهوم الشاذ:
الشاذ لغة مأخوذ من الشذوذ أي القلة والندرة والإنفراد عن الجماعة وإصطلاحا هو الذي يكون وجوده نادرا، ولا يجري على القياس.
وما يقصد بالاقوال التفسيرية الشاذة هو إنفراد المفسر بقول يخالف ما عليه جمهور المفسرين.
المطلب 2 : أقوال العلماء في ترك الشاذ :
 ¬          قال شيخ المفسرين الطبري : ( وما جاء به المنفرد فغير جائز الإعتراض به على ما جاءت به الجماعة  التي تقوم بها الحجة نقلا وقولا وعملا ).
 ¬          قال ابن جزي الغرناطي : (الثالث : أن يكون قول الجمهور وأكثر المفسرين، فإن كثرة القائلين بالقول يقتضي ترجيحه).
المطلب 3 : الشواهد التطبيقية على الأقوال الشاذة:
1)   قول مجاهد في مسخ اليهود : إنفرد مجاهد برأيه في تفسير الآية : قال الله تعالى : { كونوا قردة خاسئين } حيث اعتبر أن هذا المسخ هو عبارة عن مسخ معنوي لا حقيقي. في حين اعتبر جمهور العلماء أن المسخ حقيقي صوري.
2)   قول عكرمة في ليلة النصف من شعبان : فسر عكرمة قوله تعالى : { إنا أنزلناه في ليلة مباركة، إنا كنا منذرين } بأن الليلة المذكورة هي ليلة النصف من شعبان. فمن المعلوم المتواثر  أن هذه الليلة من ليالي رمضان. 
المبحث السابع : الغلو في التفسير الإشاري :
المطلب 1 : تعريف التفسير الإشاري :
التفسير الإشاري هو تأويل القرآن الكرآن الكريم على غير ما يظهر منه بمقتضى إشارات رامزة خفية تنقدح لأرباب العلم والسلوك وتنبني على التطابق بينها وبين الظواهر المرادة من الآيات على وجه شرعي معين.
المطلب 2 : حكم التفسير الإشاري :
إختلف العلماء في جواز التفسير الإشاري على قولين :
‌أ)     عدم جوازه، سدا لذريعة التقول على الله تعالى. قال السيوطي : ( وأما كلام الصوفية في القرآن فليس بتفسير).
‌ب)  جوازه مع الجزم بأن الإشارات الخفية التي تنقدح للمتصوف لا تعد في التفسير ولا تسلك في باب دلالة الألفاظ .
والدين اختاروا الجواز لم يذهبوا فيه مذهب الإطلاق بل قيدوه بالضوابط الآتية :
1)   ألا يتجافى التفسير الإشاري عن ظاهر النظم القرآني .
2)   ألا يقال أن الإشارة هي المراد من الظاهر.
3)   ألا ينهض معارض شرعي أو عقلي للتفسير الإشاري.
4)   ألا يكون جاريا في ركاب الهوى أو البدعة.
5)   أن تؤنس له شواهد من الشرع.
6)   ألا يعتمد في مجال استنباط الأحكام الشرعية.
المطلب 3 : الشواهد التطبيقية على الغلو في التفسير الإشاري :
 ¬          تفسير الحروف المقطعة : (ألم) فسرها أبو عبد الرحمان السلمي بتفسير الإشاري أشبه بالطلاسم وبتفسير اختلف فيه عن جمهور العلماء.
 ¬          تفسير الآية { وأتموا الحج والعمرة لله }: فسرها أحمد سعد عثمان أن هذا الحج لايقصد به الحج المعروف أي الذهاب إلى مكة... وإنما فسرها بالذهاب روحيا لا جسميا وقلبا لا قالبا.
المبحث الثامن : التكلف في التفسير العلمي:
المطلب 1 : تعريف التفسير العلمي :
قال الشيخ أمين الخولي أن التفسير العلمي هو التفسير الذي يحكم الإصطلاحات العلمية في عبارة القرآن الكريم ويجتهد في إستخراج مختلف العلوم والآراء الفلسفية منها.
المطلب 2 : حكم التفسير العلمي :
إختلف العلماء من حيث حكم التفسير العلمي منهم مؤيد ومعارض .
1)   عدم الجواز مطلقا : ذهب مجموعة من العلماء إلى ان هذا التفسير هو مذموم وذلك لعدة أسباب منها : تبوث إعجاز القرآن من أكثر من وجه، وإستغناؤه عن كل تكلف يذهب رونقه، ويقحمه في متاهات العلم التجريبي، كما أن هذا النهج التفسيري يعود على مقاصد القرآن بالإبطال ويزج به في مجال نسبي لا يليق بحقائقه المطلقة وإعجازه الباهر.
2)   الجواز مطلقا : هو أيضا أيده مجموعة من العلماء والمشاييخ واحتج هؤلاء به لعدة أسباب منها: بيان عصرية القرآن واستمالت غير المسلمين إلى الإسلام بالمسلك العلمي البرهاني الذي يؤترونه على غيره.
كما أن الدكتور قطب الريسوني بين أن ما تقتضيه الامة هو الموقف الوسط العدل الذي لا يغرق في النفي ولا في الإثبات. حيث يجب الإلتزام بالضوابط الآتية : ألا يتجافى التفسير العلمي عن دلالة السياق، وأن يعود على الحقائق لا الفرضيات، وأن يجعل القرآن أصلا حاكما والنظرية العلمية فرعا محكوما، كما يجب ألا يتجافى التفسير العلمي عن أقوال السلف وفهم أئمة التفسير.
المطلب 3 : الشواهد التطبيقية على تكلف التفسير العلمي:
1)   تفسير الطير الأبابيل بالمكروبات، هذا ما اعتقده بعض العلماء حيت وصفوا الطيور الأبابيل التي أرسلها الله تعالى والتي رآها بعض المشركون رأي العين، فسروها على أنها من جنس البعوض.
2)   خرافة تحضير الأرواح.
3)   نظرية التأنيت البيولوجي للعنكبوت : تأنيت العنكبوت في القرآن الكريم لا علاقة له بأن أنثى العنكبوت هي التي تبني (الشع) لأن العرب قديما أنثوا العنكبوت كما الحال مع بعض الحشرات الأخرى.




الفصل الرابع : ضوابط القراءة الراشدة للنص القرآني : مدخل إلى علم التدبر
المبحث الأول : آداب القراءة الراشدة للنص القرآني :
المطلب 1 : صحة القصد والنية :
قال ابن القيم : ( فأما النية فهي رأس الأمر وعموده وأساسه وأصله الذي عليه يبنى، يصح بصحتها، ويفسد بفسادها، وبها يستجلب التوفيق، وبعدمها يحصل الخدلان...).
المطلب 2 : إظهار الإفتقار إلى الله تعالى :
من الحكم الساطعة التي وفق فيه ابن عطاء الله قوله : ( من علامات النجح في النهايات، الرجوع إلى الله في البدايات).
المطلب 3 :  استشعار هيبة النص القرآني:
إن استشعار المفسر لهيبة القرآن الكريم تكون باستحضاره الدائم أن مايقرؤه ليس كلام البشر، وأن في تأويله غاية الخطر، فضلا عن أن تكون الهمة منصرفة إليه من غيره.
المطلب 4 : العيش في رحاب النص القرآني :
يجب على المفسر أن يعيش في رحاب القرآن لحظات تأمل وصفاء، ويتفيأ ظلاله الوارفات مدة من الزمن حتى يصفوالذهن ويمتلئ الوجدان ...وقد نص أبو حامد الغزالي على أعمال قلبية تضمن التجاوب الوجداني مع النص قبل الشروع في التدبر وهي :
·      التخصيص : أي أن يقدر القارئ أنه المقصود بكل خطاب في القرآن الكريم.
·      التأثر : أن يتأثر قلب المفسر بآثار مختلفة لوقع الآي، بحسب المقام والمناسبات، فيكون له لكل حال فهم ولكل موقف تأثر.
·      الترقي : أن يستشعر القارئ أو المفسر عند تلاوته أو تفسيره، أنه واقف بين يدي الله عز وجل.
وخلاصة القول أن التجاذب الوجداني مع النص القرآني مرحلة ممهدة للتدبر الصحيح.
المطلب 5 : التخلي عن موانع الفهم :
لموانع الفهم عدة أسباب منها ما حصره الغزالي في عصره وهي : التعمق في تفسير مخارج الحروف ، والتعصب للرأي، الإصرار على الذنب، والإستغناء عن الرأي في التفسير، كما أنه توجد موانع أخرى مستدركة مما أنتجه السياق المعرفي للعصر وهي : التكلف في التفسير العلمي، والتعصب المذهبي، وإتباع الهوى.
المطلب 6 : الإهتداء بفهم السلف الصالح :
إن الإهتداء بفهم السلف الصالح سنة متبعة عند المفسرين، ومرجع حاكم على مناهجهم في التفسير وفي هذا الباب قرر الشاطبي قاعدة جليلة لا يستغنى عنها في التفسير وهي : ( ما نقل في فهم السلف في القرآن، فإنه جار على كل ما تقتضي به العربة، وما تدل عليه الأدلة الشرعية )
المطلب 7 : مشاورة أهل العلم :
من آداب التفسير أن يلجأ المفسر عند استغلاق الفهم، وضيق السبيل إلى مناورة أهل العلم في حل الإستشكال من  الأية، فربما خفي على المستشير من العلم ما أحاط به المستشار.
المطلب 8 : التوقف :
إن التوقف عن التفسيرعند استغلاق الفهم وخفاء وجه الحق في النص المفسر مسلك أثير عند السلف الصالح الذين اشتهروا بالإحتياط في الرأي وخشية من التقول على الله ورسوله.
ولا يفزع المفسر إلى التوقف عند إعواز الدليل، وضيق السبيل إلا بعد مراعاة الضوابط الآتية :
1.   ألا يكون حكم النص المتوقف فيه مشهورا.
2.   ألا يكون سبب التوقف ضعيفا.
3.   إستفراغ الوسع في طلب الدليل، وتحصيل المرجح عند التعارض.
4.   بيان داعي التوقف، ومثار التردد حتى يعلم هل هو ما يعتد به أم لا؟.
5.   ألا يؤخد من التوقف حكم معين، وإلا لم يكن له من معنى.



المبحث الثاني: قواعد القراءة الراشدة للنص القرآني.
المطلب 1 : قاعدة تحقيق المفردة القرآنية :
إن المدلف الأمثل إلى فهم النص القرآني وتدبره: تحقيق مفرداته على نحو يجلي دلالتها في كل سياق، ومعانيها في كل مورد وحقائقها في كل استعمال. فتحصل معاني مفردات ألفاظ القرآن في كونه من أوائل المعاون لمن يريد أن يدرك معانيه، فألفاظ القرآن هي لب كلام العرب وزبدته وعليها اعتماد الفقهاء والحكماء في أحكامهم وحكمهم.
ونسلك في تحقيق المفردات القرآنية 3 مسالك:
1)   المسلك المعجمي :
أ‌)     المعاجم اللغوية الموثقة : مادام القرآن قد نزل باللغة العربية، فإن تفسير ألفاظه يكون بما دل عليه كلام العرب. فمن أمهات المعاجم لسان العرب لإبن منظور، وأساس البلاغة للزمخشري.
ب‌)  مفاهيم ألفاظ القرآن الكريم : يجب مراعاة توجيه السياق في المعاجم لتفسير اللفظ القرآني حيث يأتي معجم مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني بتفسير جلي لألفاظ القرآن في سياقها.
ت‌) معايير الوجوه والنظائر : يجب إعطاء كل مفردة لمدلولها الخاص حسب السياق.
2)   مسلك سبر الإستعمالات القرآنية : إن تتبع موارد المفردة القرآنية وسبر استعمالاتها يهدي المتدبر إلى مدلولها الأصلي وقد يعين هذا السبر على استخراج دلالات خاصة في الإستعمال القرآني.
3)   مسلك تطبيق القواعد التفسيرية اللغوية: أرشدت مقدمات التفاسير ومدونات علوم القرآن والأصوليين إلى قواعد لغوية تعين على تحقيق المفردات القرآنية ويمكن حصرها فيما يلي:
أ‌)     بيان الشارع لألفاظه وتفسيره لها مقدم على أي بيان : أي أن التفسير إذا عرف من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم فلا حاجة إلى الإستمداد من أهل التفسير واللغة،لأن بيانه مقدم على كل بيان.
ب‌)  ألفاظ الشارع محمولة على الحقيقة الشرعية، وإن لم تكن فالعرفية، فإن لم تكن فاللغوية: الأصل في كل لفظ مستعمل في الكتاب والسنة أن يبحث عن مدلوله في استعمال الشرع نفسه، فيحمل على الحقيقة الشرعية إن وجدت ثم العرف ثم اللغة أي لسان العرب.
ت‌)  تحمل نصوص الكتاب على معهود الاميين في الخطاب : القرآن الكريم لا يفهم إلا باتباع معهود الأميين في الخطاب، وهم العرب الذين الذين نزل الوحي بلسانهم.
ث‌)  لا يجوز حمل ألفاظ الكتاب على اصطلاح حادث : ألألفاظ القرآنية تحمل على المعنى المتعارف عليه في عصر النزول، أما ما جاء بعد هذا العصر من المعاني الحادثة والمصطلحات المخترعة فلا يرجع إليه في التفسير.
المطلب 2 : قاعدة السياق القرآني :
1)   تعريف السياق القرآني : هو انتظام المعاني وتساوقها في وعاء الألفاظ القرآنية غلى نحو يفيد الغرض المقصود دون انقطاع.
2)   أنواع السياق القرآني:
أ‌)     سياق السورة : وهو مفتتح القول فيها إلى منتهاه جزئين :
i)     سياق ذو مقاطع متعددة يتناول موضوعات شتى.
ii)   سياق ذو مقاطع غير متعددة يبنى على موضوع كلي واحد.
قال الشاطبي : ( فاعتبار جهة النظم مثلا في السورة لا يتم به فائدة إلا بعد استيفاء جميعها بالنظر، فالإقتصار على بعضها فيه غير مفيد غاية المقصود، كما أن الإقتصار على بعض الآية في استفادة حكم ما لا يفيد إلا بعد كمال النظر في جميعها)
ب‌)  سياق المقطع : إن المقطع وإن اشتمل على جمل فبعضها متعلق ببعض لأنها قضية واحدة نازلة في شيئ واحد. والمقاطع نوعان :
i)      مقطع استغرق السورة كلها :كسورة الكوثر.
ii)   مقطع جزء من السورة ذات المقاطع المتعددة.
ت‌)  سياق الآية : الآيات أجزاء تؤلف المقطع، وسياق الآية لا ينفصل عن سياق المقطع وهذا الأخير لا ينفصل عن سياق السورة. والآية نوعان :
i)     آية مستقلة : تقوم على معنى مكتمل قائم بذاته كآية الكرسي.
ii)   آية لاتستقل بذاتها في إفادة المعنى ، وتحتاج إلى رفد الآيات المتجاورة.
3)   ضوابط السياق :
أ‌)     ضابط النقل : إن الضابط النقلي أولى باستيجاب التقديم والتعظيم من غيره في مضمار التفسير، لأن الشارع أولى أعرف بمراده، ومقصوده، وبيانه مقدم على بيان غيره، وأولى من يفسر الشرع الشارع، وأجدر من يوضح النقل الناقل.ومن ثم فإن بيان الرسول صلى الله عليه وسلم لمفردات القرآن أو معانيه داخل في دائرة النقل المعصوم، ثم ما صح عن الصحابة رضوان الله عليهم .قال الزركشي : ( فإن فسره أي الصحابة من حيث اللغة فهم أهل اللسان فلا شك في اعتمادهم، وان فسره مما شاهده من الأسباب والقرائن فلا شك فيه...)
ب‌)  ضابط اللغة : إن التضلع من لسان العرب والإرتياض بأساليبهم يعين على ضبط المقصود من السياق، واستجلاء المراد من الخطاب، قال الرازي : إن اللغة والنحو يجريان مجرى الأصل لتفسير النصوص.  وتسعف اللغة في ضبط دلالة السياق من جهتين :
i)     تحقيق دلالة الألفاظ باعتبار الوضع المعجمي الإفرادي، والأصل في كل لفظ أن يحمل على المعنى الأظهر والأفشى في لسان العرب، والذي يعين هذا المعنى هو السياق الذي وردت فيه.
ii)   تحقيق التراكيب ونظم الكلام : إن اللفظ قد يكون له مدلول أولي بالوضع حال إفراده ثم يصير له مدلول آخر عند النظم، فيأخذ بالمدلول التركيبي، فدلالة السياق من أعظم القرائن على مراد الخطاب.













تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ملخص لكتاب: الكليات الأساسية للشريعة الإسلامية. للدكتور أحمد الريسوني

تلخيص لكتاب مناهج البحث عند مفكري الإسلام واكتشاف المنهج العلمي في العالم الإسلامي